نعم الله تعالى علينا كثيرة ووفيرة، ونحن في هذه الدنيا نتقلب في نعم الله سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك.
ولهذا سأحاول في هذه السطور القليلة مستعينًا بالله أن أستعرض معك أخي القارئ بعض القواعد العامة والخطوط العريضة في التعامل مع هذه النعم طلبًا لبقائها ورجاءً لزيادتها.
أولًا: أن نعلم أن نعم الله عز وجل كثيرة على الإنسان، لدرجة أنه يعجز عن حصرها "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ". قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذه الآية: "ثم نبههم على كثرة نعمه عليهم وإحسانه إليهم فقال: "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" أي يتجاوز عنكم، ولو طالبكم بشكر نعمه لعجزتم عن القيام بذلك، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم، ولكنه غفور رحيم يغفر الكثير ويجازي على اليسير.
شكا أحدهم ضيق حاله ومعاشه.. فقال له عالم حكيم: أتبيع بصرك بمائة ألف؟ قال: لا.. قال: أتبيع سمعك بمائة ألف؟ قال: لا.. قال:فأنت الغني بما لا يباع بثمن.
ثانيًا: إن النعم ابتلاء وامتحان كلها، حتى ما كان ظاهره الإحسان والإكرام "فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ"، ولو كانت النعمة مجرد إكرام لكان الرسل والأنبياء أغنى الناس وأكثرهم كنوزًا وأملاكًا وأموالًا، ولما سقى الله كافرًا شربة ماء.
ثالثًا: معيار النجاح في التعامل مع النعم إنما يحصل بشكر الله تعالى عليها.. قال ابن القيم رحمه الله: "وشكر العبد يدور على ثلاثة محاور، لا يكون شكورًا إلا بمجموعها.. أحدها اعترافه بنعمة الله عليه، والثاني الثناء بها عليه، والثالث الاستعانة بها على مرضاته". وقال الله تعالى: "اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ".
رابعًا: إننا نتقلب في نعم الله الظاهرة والباطنة.. قال عز من قائل: "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" فمنها ما نلمسه ونراه ونشعر به، ومنها ما لا ندرك حقيقته، ولكنه يظل على أية حال نعمة، ولهذا يستوي عند العبد ما يعجبه وما لا يعجبه إذا علم أن الكون لا يجري إلا بتقدير الله وحكمته.
خامسًا: إن أعظم نعمة امتنَّ الله بها على عباده هي نعمة الإيمان والتوحيد التي هدانا إليها سبحانه "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ".
ثم إن من أعظم نعم الله علينا أن جعلنا من خير أمة.. أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله وأرسله للناس كافة وأنزل عليه القرآن الكريم وآتاه الحكمة والسنة المطهرة "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ" فهاتان نعمتان لا تعدلهما نعم الدنيا كلها "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ".
من هذه القواعد ينطلق المسلم مستشعرًا عظيم فضل الله عليه، ووافر نعمه التي يتقلب فيها ليله ونهاره، مؤمنًا بأن الشكر باب المزيد "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".
اللهم أوزعنا شكر نعمك علينا ولا تجعلنا من الكافرين الجاحدين.. وأسبغ علينا دومًا نعمك ظاهرة وباطنة وأحسن عواقبنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
والله من وراء القصد
سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...
لا أدري ما الذي دفعني في هذه اللحظة، وأوجَد الرغبة في نفسي أن أكتب عن عيسى بن محمد؟! هكذا فجأة.. وجدت نفسي أريد أن أكتب عنه.. لا أدري لماذا؟! هل لأنني فقدت المرجع الذي كلما أردنا الفصْل في بعض القضايا بحكمة وتعَقُّلٍ ذهبنا إليه؟! هل لأنني فقدت صاحب...
جاء في الحديث (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء) في إشارة إلى لفتة تربوية نبوية تربِّي المسلم على أهمية تجريد القصْد في العبادة من كل شيء وصرْفها لله وحده امتثالاً لقوله تعالى"وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّ...
إنه طاعة من أعظم الطاعات، وقُربة من أنفع القُرُبات.. شُرِعت في كل وقت وحين.. لاتأخذ منك كثير جهد ولا وقت، لكنها من حيث أثرها تزن الجبال الراسيات. وهو عبادة تعقُب العبادات، كالصلوات وقيام الليل والحج وسائر العبادات، وتُختَم بها المجالس طلباً للصفح وا...
لعمرك ما الرزية فَقْدُ مالٍ ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ ولكن الرزيةَ فَقْدُ فَذّ يموت لموته خَلقٌ كثيرُ إن رحيل العظماء والعلماء والدعاة والمصلحين مصيبة شديدة الوقْع على الأمة كلها، لأن في ذهاب هؤلاء ذهاباً للعلم الذي يحملونه، وتوقُّفاً للدعوة التي ي...
من المواقف البطولية الخالدة موقف الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه، وهو أحد أصحاب الأعذار الذين أجاز الله لهم التَّخَلُّف عن القتال بسبب إعاقته لأنه أعرج، والله تعالى يقول "لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَ...